29 - 06 - 2024

إيقاع مختلف| الآن أعترف

إيقاع مختلف| الآن أعترف

أعترف بأن عشقى الأول هو الشعر ، وأنى حين اخترت العمل فى ميدان الإعلام كنت أختار منبراً محترماً ينطلق منه شعرى ورؤاى النقدية إلى آذان الدنيا ووجدان العالم.
وأعترف أنى لست من أولئك الإعلاميين المهووسين بفكرة السبق الإعلامى أو الخبطة الإعلامية، وإنما أنا متيم بفكرة بناء الإنسان عبر التراكم المعرفى والثقافى المتئد، الذى يعرف ما الكلمة التى يقولها، ومتى يقولها، ولماذا يقولها، وكيف يقولها، وما الأثر الذى يمكن أن تتركه على من يتلقاها.

وأعترف بأنى أعشق مكانى فى الإذاعة المصرية العريقة، وبالتحديد فى إذاعة البرنامج العام، وبالتحديد الأكثر دقة فى البرامج الثقافية بها، وأن هذا العشق قد منعنى من قبول عدة عروض للعمل فى قنوات تليفزيونية مختلفة، كان أحدها أن أتولى الإشراف على واحدة من القنوات التى تملأ ساحة الإعلام حضوراً أو ضجيجاً -سمه ما شئت- فى هذه اللحظة.

وأعترف بأنى من المؤمنين بأن التاريخ لا يُشترى، وأن الشرعية الفكرية لا تأتى بجرة قلم، ولا حتى بنجاح وقتى كبير، وإنما تأتى بذلك التراكم الثقافى الذى يجعل قراء الصحيفة أو مستمعى الإذاعة أو مشاهدى التليفزيون يمنحون هذه الوسيلة او تلك شرعيتها ومكانتها، استنادا إلى تاريخ طويل من العطاء، وطريق طويل ساره المستمع والإذاعة معا.

وأعترف بأنى أشعر بزهو خاصٍ حين يجمع المثقفون المصريون الذين ألتقى بهم على أن تكوينهم الفكرى والثقافى جاء عبر الإذاعة المصرية، ويتضاعف زهو حين أدرك أنهم حين يطلقون كلمة الإذاعة مجردة فإنهم يقصدون إذاعة البرنامج العام، فهم يحدثوننى عن ألف ليلة وليلة طاهر أبى فاشا ، ومسحراتى فؤاد حداد، وأحسن القصص محمد على ماهر، وع الماشى صبرى سلامة، وجرب
حظك طاهر أبى زيد، ولغتنا الجميلة فاروق شوشة، وشاهد على العصر عمر بطيشة، وزيارة لمكتبة فلان نادية صالح، ثم يحدثوننى عن قائمة طويلة من البرامج المدهشة كالأغانى للأصفهانى، وعازفة الناى، وعوف الأصيل، وآذار، وقسم (مرزوق)، وخوفو ... إلى آخر هذه القائمة الطويلة ولا ينسون الإشارة إلى على الناصية وجرب حظك وكلمتين وبس وطريق السلامة وهمسة عتاب، وعلماء فى دائرة الضوء، وقطرات النادى، ومع الأدباء الشبان و.......و... مما لا يستطيع الإنسان حصره أو إحصاءه.

وهم لا ينسون أن يذكرونى بالدراما التى قامت على أعمال كبار كتاب العربية كنجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس ويوسف جوهر ومحمد عبد الحليم عبد الله و... و...... إلى أقصى ما تتسع الذاكرة والخيال.

ما الذى يريد هؤلاء أن يقولوه؟

إنهم يقولون ببساطة إن البرنامج العام قد دخل فى النسيج الثقافى للإنسان المصرى بصفة عامة، وليس المثقف أو المبدع فقط، وأن المصرى حين يمنحه شرعيته كصوت مصر، فإنه لا يفعل ذلك مجاملة أو تحية او تفضلاً، وإنما هو تعبير عميق عن واقع وحقيقة وتاريخ طويل، لا يحتاج إلى الإشارة إلى أن أصعب لحظات مصر وأمجدها قد عاشها الإنسان المصرى عبر إذاعته الشرعية، وصوته الحقيقى، وأظن أن من نافلة القول الإشارة إلى بيانات الثورة أو التاميم أو العبور أو ..... أو.... من لى بمن يستطيع ان يحصى.؟!

وأعترف بانى أعتز بمصريتى، وتاريخها، وعراقتها، ومجدها الضارب فى التاريخ، ولا أعدل بها سواها لأى سبب ولا تحت أية دعوى.

وأعترف أيضاً بأنى أزهو بانتمائى للإذاعة المصرية، وفى القلب منها
إذاعة البرنامج العام، التى كانت وستبقى صوت مصر الشرعى الصادق الأصيل
.
---------------------
بقلم: السيد حسن

مقالات اخرى للكاتب

جِيل من الصور الطلِيقَة





اعلان